mix

أحزاب ما بعد الثورة :"الكثرة وقلة البركة" تتغنى ببيانات النضال وتتجاهل مآسى المتلوى... !


المتلوي تشتعل و أخرى على الطريق في حرب "عروشية" خلناها انقضت مع انقضاء عهد البايات و خلنا أسبابها انقطعت مع تاسيس الدولة الحديثة و إعلاء مفهوم الوطن و قيمة المواطنة. و لن أوجّه لومي إلى الحكومة المؤقتة فهي مغلوبة على امرها و الساهرون عليها مشغولون بإغراق البلاد في الديون فقد احترفوا مهنة التسول على عتبات الدول الكبرى و لا بأس إن كان المقابل رهن البلاد و بيع الوطن و الدوس على سيادته. أما إعلامنا "الوطني" فهو أبعد من أن نلومه أو نسائله فهو في حكم من رفع عنهم القلم و هم ثلاثة: النائم حتى يصحو و المريض حتى يبرأ و الطفل إلى أن يكبر و يرشد. فلا لوم عليه  ما دامت سياسة النعامة بإخفاء الرأس في الرمال هي سلاحه في مواجهة الحوادث الطارئة على البلاد.
و لكني اليوم ألوم الأحزاب السياسية بل أتهمها فهي على كثرتها "الكثرة و قلة البركة" مثلما قال الجدود. هذه الأحزاب غابت أو كادت أيام الثورة -إن كان مازال باستطاعتنا أن نعتبرها ثورة- و عذرها مقبول انذاك فقد كانت مشتتة بين السجن و المهجر و الصمت و لكنّا انتظرنا جميعا أن تترك مواقعها الخلفية و تعود إلى مكانها الأصلي في المقدمة لتستلم مشعل القيادة و تضع البلاد على السبيل القويم نحو انتقال سياسي و اجتماعي فعلي فما راعنا إلاّ و الأحزاب تفرّخ أحزابا و تلك تفرّخ أخرى.. و هكذا و كأنها غير معنية بسياسة تحديد النسل.. المواقع الأمامية شاغرة على حالها و الشعب يمارس القيادة الذاتية يتخبط يسقط و ينهض و الأزمات الاجتماعية مثل حقل الألغام لا تدري متى و أين تنفجر و أحزابنا تستمتع بالتفريخ و التوالد.. و عقد الندوات و إرساء الفروع و كسب الأنصار. اليوم المتلوي تنزف قتلى و جرحى و الوضع ينذر بالأسوء و أحزابنا غير معنية بذلك فهي منغمسة في حمّى الانتخابات في صراع محموم للفوز بالمقاعد و المناصب أحزابنا الميمونة لم تكلّف نفسها عناء التعبير عن موقفها مما يحصل لا بالقول و لا بالفعل إذ لم يصدر أيّ بيان من أيّ حزب كان من جملة سبعين حزبا أو أكثر تعجّ بها البلاد. و دماx الشهداء في عرفهم صارت "رخيصة" لا بل هي غالية فقيمتها من ذهب في المزايدات و الخطب الرنانة.. الساحة السياسية اليوم صارت أشبه بالمنافسة على الكأس أو البطولة في كرة القدم: أحزاب معنية بالصعود و أخرى معنية بالنزول و أخرى تشكك في نزاهة التحكيم.. صدق القدافي  حينما قال في كتابه الأخضر "من تحزب فقد خان" .. يا أحزابنا المباركة ستندمون عندما لا ينفع الندم ستندمون عندما يقرّر الشعب انتخابات "ويكلو"  عندما تخسرون ثقته و عندما تصبح كراسي السلطة التي تتسابقون إليها كراسي مقلوبة في أروقة وزارة الداخلية !!